آخر المواضيع

منوعات

صوت وصورة

5/20/2015

الملكية بالمغرب في العهد الجديد

الملكية بالمغرب في العهد الجديد
آمال تحطمت فوق صخرة الواقع





نظام مخزني قائم على فساد رجالاته وريع اقتصاده وسطوة الحاكم على كل مجالات السياسة والاقتصاد ، هذا هو مغرب اليوم مغرب الألفية الجديدة مغرب العهد الجديد مغرب الديمقراطية والحداثة مغرب محمد السادس.

تنقسم فترة حكم الملك محمد السادس إلى 3 فترات أساسية ، فترة تولي الحكم الأول 1999  2003 والتي أعرفها بفترة الشعارات الكبيرة ومزاعم الأوراش الكبرى ثم الفترة الثانية والممتدة من 2003 إلى 2011 والتي شهدت عودة نفس تقاليد حكم الوالد الراحل والسطوة الاقتصادية الكبرى ، أما الفترة الثالثة 2011 إلى الآن فهي التي شهدت تحولات كبرى على مستوى المشهد السياسي المغربي بعد بروز حركتنا المجيدة حركة 20 فبراير ، ولأن نقاش 20 فبراير يلزم مجموعة من التحاليل والأمور التي وجب ذكرها فقد ارتأيت أن أدعها إلى أن أخصص لها مقالا مستقلا.

اعتلى الملك محمد السادس الحكم في 23 يوليوز 1999 خلفا لوالده الحسن الثاني بوعود وآمال كثيرة  في الضرب مع عادات نظام والده (قمع الانتفاضات الشعبية بمختلف أنواع الأسلحة ، اعتقال وتعذيب النشطاء السياسيين المعارضين لسياسات الملكية والزج بهم في المعتقلات السرية ...)  والذي ترك مغربا منهكا وضعيفا اقتصاديا ، مغربا ذو نظام تعليمي متدهور ومفلس ، مغربا أميّ غير واعٍ، مغربا فلاحيا لا يستطيع تغطية الاحتياجات المتزايدة من المواد الفلاحية مقارنة بتزايد أعداد السكان في هوامش المدن ، مغربا ذا صيت طويل في ممارسة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان ، مغربا بتعددية حزبية شكلية عائمة في أحضان الفساد برعاية النظام أغلب مكوناتها إن لم نقل كلها تحتضر ، هذه هي تركة الحسن الثاني! لقد كانت لدى العديدين نظرة تفاؤلية لمستقبل المغرب ، فلقد رأى البعض في الملك الشاب أملا في انعاش الاقتصاد المغربي والقضاء على بطالة الشباب ، وتحسين الجانب الحقوقي وفتح علاقات جيدة مع كافة الأطراف السياسية وإشراكها في اتخاذ القرار. وبالفعل تأكدت هذه النظرة مع رفع الإقامة الجبرية عن مرشد جماعة العدل والإحسان عبد السلام ياسين ، ثم السماح لواحد من أبرز المعارضين اليساريين على مر تاريخ المغرب أحد قياديي منظمة " إلى الأمام " أبراهام السرفاتي بالعودة إلى أرض الوطن .

16 ماي 2003 نقطة تحول في مسار مغرب العهد الجديد؛

بعد أحداث 16 ماي بالدار البيضاء ، عرف مغرب حقوق الإنسان انعطافة على المستوى الحقوقي ، فملف مكافحة الإرهاب سمح للآلة القمعية المخزنية بإرجاع جزء من تاريخها الدموي ، فتعذيب معتقلي السلفية وملف مكافحة الإرهاب واستعمال أشكال متنوعة ومختلفة من التعذيب -وإن لم ترتقي إلى مستوى التعذيب الذي شهده دار المقري تحت إشراف المجرم أوفقير - فتارة بإجلاس المعتقلين على القنينات وتارة أخرى بإخافتهم بالكلاب ... و طريقة التعامل مع المعطلين حاملي الشواهد العليا أمام البرلمان  ومواجهة الفعل النضالي الطلابي واعتقال الطلاب أثناء نضالهم السلمي ضد المخططات التعليمية و الاستمرار في الحظر العملي لمنظمتهم النقابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب  كل هذه الحالات قد شكلت حالة من الصدمة لدى المتفائلين بالملك الشاب ، ومع تحول خطاباته من خطابات ملك يؤمن بالتعددية والمشاركة في السلطة إلى ملك يحتكر كل السلط فعلى سبيل المثال تحول من ملك يؤكد على نزاهة القضاء واستقلاليته إلى ملك يتربع رئيسا على المجلس الأعلى للقضاء...  لذلك لم يكن التضييق الذي  مورس على وسائل الإعلام والصحفيين بالغريب فالملك المفترس حسب وصف كاثرين ڭراسيي و إيريك لوران لم يغير عادات والده بل استمر في نفس نهجه، فتم الحكم على رشيد نيني بغرامة مالية كبيرة ثم بعد فترة من الزمن تم إيداعه السجن وشاهدنا حالات من التضييق على كل من أحمد بن شمسي مدير تحرير جريدة نيشان وأسماء العاجي و علي أنوزلا ...

من ملك الفقراء إلى ملك على الفقراء؛

منذ اليوم الأول لمحمد السادس على سدة العرش بالمغرب حاولت وسائل الإعلام الرسمية رسم صورة ملك الفقراء وملك المقهورين ملك زاهد عن المال على أمير المؤمنين وبالفعل تأتى ذلك بفعل الرحلات المكوكية في إطار الزيارات الملكية لكافة ربوع المملكة من أجل تدشين الأوراش الكبرى وزيارة الرعايا والاطمئنان على أحوالهم فتارة يقدم " قفة رمضان " وتارة أخرى يفتتح مستشفى ويواسي المرضى . لقد تمت العملية بشكل أكثر من ناجح لكن تقريرا لمجلة فوربس الأمريكية سنة 2009 أبرز الحقيقة الغائبة محمد السادس سابع أغنى شخصية بالعالم !! وذلك في تصنيف الملوك والأمراء بأكثر من 2,5 مليار دولار متفوقا على كل من أمير قطر والذي تتوفر بلاده على مخزون هائل من البترول والغاز ، وكذلك أمير الكويت الذي تقل ثروته بأكثر من ست مرات مقارنة بملك المغرب . وعلى العكس من أمير البلاد الذي يحتل المراتب العليا فإن البلاد تتذيل ترتيب مجموعة من الأرقام  ففي التقرير العالمي حول التنمية البشرية الذي يعده برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية بنود PNUD والذي غطى الفترة ما بين 2007 و 2008 احتل المغرب الرتبة 126 من بين 177 بلدا فيما يخص التنمية البشرية ، بينما وصلت نسبة الفقر فيه إلى 18.1%. أما الأكثر من ذلك فنسبة المديونية التي تحولت من 11,9 % إلى 20 % من الناتج الوطني الخام سنة 2008 , أما الخبر الصادم فقد كان , أزيد من خمسة ملايين مغربي يعيشون بعشرة دراهم في اليوم أي أقل من أورو واحد 1 .

ملك مفترس أو الرجل الأول في كل المجالات؛

في المجال الاقتصادي يظهر الملك محمد السادس كرجل أعمال أكثر من رجل دولة ، ويظهر ولعه بالاقتصاد في حجم ثروته التي تمت الإشارة إليها سابقا. لقد استطاع الملك محمد السادس في ظرف أقل من 10 سنوات أن يحول المغرب إلى سوق خاصة به والشعب المغربي إلى زابون لديه .
يمتلك العاهل المغربي وعائلته حصة كبيرة من مجموعة أونا ONA -والتي انصهرت فيما بعد في الشركة الوطنية للاستثمار SNI  بتاريخ 31 ديسمبر 2010

هذه المجموعة لها نشطات عديدة وفي مجالات مختلفة (والتي بيعت أغلب حصصها سنة 2011 و 2012 بسبب الحراك الشعبي الذي شهده المغرب آنذاك)  ففي مجال الأغدية تمتلك 55 في المائة من رأس مال مركزية الحليب (والتي بيعت سنة 2012 إلى شركة دانون ) ، 55.5 في المائة من رأس مال شركة كوزيمار (السكر)، 56.1 في المائة من رأس مال لوسيور كريسطال (تم بيعها لفائدة "صوفيبروتيول" الفرنسية )،  50 في المائة من رأس مال شركة بيمو ( تم بيعها أيضا سنة 2011 )... في مجال التوزيع تمتلك المجموعة أسهم كلا من أسواق مرجان وأسواق أسيما و91 في المائة من رأس مال  سوبريام (تجارة السيارات) ... في مجال المعادن تحوز المجموعة على النسبة العظمى من شركة مناجم والتي تمتلك 75 في المائة من رأس مالها، كذلك تمتلك شركة صوناصيد (الشركة الوطنية للصلب). تمتلك أيضا شركة وانا/إنوي (اتصالات) كاملة، شركة أونابار (العقار) ، التجاري وفا بنك (أبناك)، أكما - لحلو التازي (التأمين) ... من الوهلة الأولى تبدو لنا كل أسماء هذه الشركات مألوفة ومعهودة، فأغلب المغاربة زبناء لديها فمن منا لا يشتري قوالب السكر المصنعة من كوزيمار ومن منا لا يقتني حليب سنترال ومن منا لا يشتري للأطفال الصغار منتجات بيمو ...



في المجال الديني تبرز بشدة طقوس البيعة والولاء ويظهر الملك ممتطيا حصانه الأصيل مع مظلة كبيرة يستظل بها محمولة من طرف شخص أسود البشرة ، يصفه جزء من الشعب بالعبد، وشيوخ القبائل والأعيان والوزراء يرتدون الجلابيب المغربية البيضاء والطرابيش الحمراء في مظاهر وأجواء شبيهة بالأفلام التاريخية التي تصور لحقب تاريخية كان الخنوع والذل فيها رمزا من رموز طاعة الحاكم ، مع انحنائهم كل فترة زمنية قصيرة وبشكل أشبه بالركوع . في خطاب الملك ليوم 17 يونيو 2011 بمناسبة الدستور الجديد شدد الملك على ما يسمى إمارة المؤمنين وقد قال: " تتمثل الدعامة الأولى ، في التشبث بالثوابت الراسخة للأمة المغربية ، التي نحن على استمرارها مؤتمنون ؛ وذلك ضمن دولة إسلامية ، يتولى فيها الملك ، أمير المؤمنين ، حماية الملة والدين ، وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. " لقد حافظ الملك لنفسه على شرعيته الدينية وبالتالي لا تجوز معارضته رغم الأصوات المنادية آنذاك من شباب 20 فبراير بنزع الصفة الدينية عن الملك.
من خلال ما قاله الملك يتضح بالجلي أن إمارة المؤمنين تعتبر ركيزة من ركائز الحكم بالمغرب و بالتالي فحفل الولاء وتقديم البيعة يصبح شرطا على المؤمنين.
 فلماذا إذن يقوم الملك بإحراج نفسه و خدامه الأوفياء بطقوس بالية تجر على المغرب انتقادات و سخرية وسائل الإعلام الأجنبية ؟؟؟
ربما يعتبر الملك وحاشيته هذه الطقوس جزءًا من هوية الملكية بالمغرب ، فطقوس الولاء هذه تجعل العامة من المغاربة منبهرين بملكهم نظرا لتك الصورة التي يظهر بها و تلك الهيبة التي يكتسبها من خلال ذلك الحفل فهناك من يصفه بالشريف أو حتى بالولي الصالح متناسين أنه بشر مثلهم ، فمثلما صدق الكثيرون أن محمدا الخامس قد ظهرت صورته على سطح القمر ربما يصدق الآخرون أن الملك هو رمز الدين بالبلاد.


أما في المجال العسكري ، اتبع الملك نفس سياسة أبيه - فالانقلابان العسكريان 1971 و 1972 أرغما الحسن الثاني على تحجيم أدوار العسكر واحتكار كل المناصب القيادية فيه مع إغراق العسكريين في الفساد وبتحكم من الملكية - فنجد أن الملك هو القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.


وفي الجانب المؤسساتي نجد أن الملك يحتكر السلط الثلاث فهو رئيس الدولة يعين رئيس الحكومة ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها و المجلس الوزاري ينعقد برئاسته و يمكنه إعفاء أي عضو من الحكومة كما حدث مع أوزين مؤخرا . والملك هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء ويتم نطق بالحكم باسمه ، يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية و يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وللملك الحق في حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير ويمكنه أن يخاطب الأمة والبرلمان ، و يتلي خطابه أمام كلا المجلسين ، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما...

بقلم: الرفيق حسن
التعليقات
0 التعليقات

إرسال تعليق

 
Copyleft © 2015 التثقيف الشبابي
Powered byBlogger